الشافعي و طرحة للصلاة الإبراهيمية

الشافعي و طرحة للصلاة الإبراهيمية

يعد الإمام الشافعي أحد أبرز العلماء والمفكرين فقد ولد في 150 هـ العام الذي توفى فيه الإمام ابو حنيفة وتوفى في عام 204هـ ويعد حسب كثير من المفكرين أنه مؤسس الفكر السني وهو أول من وضع علم أصول الفقه في كتابه الشهير الرسالة والذي كان له ما بعده ولا زال هو المعمول به حتى اليوم عند غالبية علماء المسلمين حتى اليوم رغم مطالبة البعض من المفكرين المعاصري بضورة وحتمية التجديد في أصول الفقه التي وضعها الإمام الشافعي كجزء من المواكبة للواقع اليوم. 

للإمام الشافعي جهود كبيرة في خدمة الإسلام كما في مقارعة البدع المنتشرة في زمانه واستطاع أن يرد على كثير من الشبهات التي كانت سائدة في عصره ما مكنه من رد وإحباط لكثير من المحاولات العديدة التي كانت تستهدف الإسلام بشكل رئيس, وقد كان الشافع إماماً بحق لعلمه الغزيرة ودرايته الكبيرة في علوم كثيرة استطاع أن يوظفها في خدمة منهجه الذي سارع عليه في كل ما انتجه وخلفه بعده.  وهو مع ذلك .. فقد رافق جهده الكبير بعض من الأخطاء على المستوى المنهجي والفقهي الاجتهادي وهذا لا يطعن أو يقلل من مكانته الكبيرة لدى المسلمين التي كانت ولا زالت حتى اليوم بقدر ما تدعوا الى أعادة القراءة في بعض مما أنتجه. من تلك الملاحظات التي نسب إليه وطرحت عليه عدد من الانتقادات تعصب بصورة لا تخطئها العين لعنصر القرشية التي ينتسب إليها , وقد بدا دفاعه الشديد عن عربية القرآن الكريم في ذلك العصر الذي ساد فيه العنصر غير العربي من الموالي بعد توسع رقعة الفتوحات الإسلامية, هذا التعصب للجنس القرشي ومحاولة شرعنه ذلك بكل وسيلة هي ما جرت عليه كثير من الانتقادات في عصرة وحتى اليوم , ومن تلك القضايا التي مثلت مثار جدل ما تضمنه كتاب الرسالة حول موضوع السنة والتعريف الجديد الذي أتى به خلافاً لما كان معمول به قبل تدوين كتاب الرسالة وما سار عليه المسلمون من عهد الرسالة وحتى عهد صياغة كتاب الرسالة. 

ما يعننا هنا ما يتصل بموضوع آل البيت والشرعية التي خلفها لهذا الفصيل والذي لم يكن يجد الكثير من الأدلة التي تبرر له هذا الموقف المغاير لما تضمنه الإسلام في التعامل مع الناس على قدم المساواة, ومن ثم ابتداع الصلاة الإبراهيمية وإدخالها في الصلاة دون أي مستند حقيقي يؤكد هذه السنة, والتي تخالف ما اتفق عليه المسلمون من أن العبادات متوقف الزيادة فيها والنقصان وهو ما ستنال شيء من النقاش في هذه المبحث بسرد كامل للكل الروايات المعتمدة عند أهل السنة خلافاً لما قرره الإمام الشافعي.

و الشيء الاخر الذي اخطاء فيها خطاءً فادحاً هو القول بان الرسول صاحب الوحيين. اي ان كل كلامة وحي و على هذا تم تزوير و وضع احاديث باسمه و اعتمدوها فأصبحت سلطة بيد مريدين المصالح و أعطت الصلاحية و سبب قوي للانتساب لمسمى ال البيت و الدعوة بأنهم مثل ذو الدم الملكي الأزرق المعصومين و الحق لهم بوراثة الحكم وان الاسلام ملكهم

ما يعنينا هنا إصرار الإمام الشافعي في إدخال الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأخير في الصلاة لاجتهاد رآه فقط وهو ما شنع عليه البعض والبعض من أهل مذهبه ما سنذكره في سياق هذ المبحث والذين راو أنه لا مستند للإمام الشافعي فيما ذهب إليه من أدخال الصلاة الإبراهيمية في التشهد إلا أدلة لا ينطبق عليها منهج الشافعي الشديد في التعامل مع النصوص , هذا الاجتهاد الخاطئ والتي استفاد منها البعض في جعلها شرعية سياسية على حق الولاية على الناس مثل ” ولاية البطنين” كون الشرعية السياسية تسمد شرعيتها من الشرعية الدينية.

مصطلح آل البيت الذي انتسب إليه ودافع عنه الإمام الشافعي دفاع شرس فيه كلام طويل وهناك أبحاث معاصرة ناقشت هذا المبحث بشيء من التفصيل سوف نعتمد في سرد صيغ التشهد على الكتب المعتمدة عند أهل السنة تحديداً على أن نناقش الروايات عن غيرهم في فترة لاحقة وهذه الروايات كلها مجتمعة لا تسعف الإمام الشافعي في اجتهاده برواية واحدة أو دليل تسوغ له ما ذهب إليه, وأن هذه السنة المبتدعة ( الصلاة الإبراهيمية) في التشهد والتي أدخلت فيه من البدع في الدين يلزم التوقف عنها فوراً.

صيغ التشهد ..

الروايات المعتمدة عن أهل السنة حول صيغة التشهد تسع روايات ننقلها كاملة وكلها تؤكد أنه لا يوجد رواية واحدة تعزز ما ذهب إليه الأمام الشافعي .

تشهد ابن مسعود: في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال : علمني رسول الله التشهد وكفى بكفه كما يعلمني السورة من القرآن : التحيات لله والصلوا والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته , السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله – وكذلك رواه أصحاب السنن, وفي رواية ولقننيه كلمة كلمة وفي رواية إذا قلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك وقد اختاره ابو حنيفة واحمد وأصحاب الحديث وأكثر العلماء.

تشهد ابن عباس :روى مسلم وأصحاب السنن عن ابن عباس وكذلك روى الشافعي في الأم قال: كان رسول الله يعلمنا كما يعلمنا السورة من القرآن فيقول , قولوا : التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله , السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين , اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.

تشهد عمر بن الخطاب : روى مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن عروة ابن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القارئ أنه سمع عمر بن الخطاب وهو على المنبر يقول قولوا : التحيات الزاكيات لله , الطيبات الصلوات لله , ورواية السرخسي في المبسوط : التحيات الناميات الزاكيات المباركات الطيبات لله .

قال مالك : أفضل التشهد تشهد عمر بن الخطاب , لأن عمر قاله على المنبر بمحضر من الصحابة قلم ينكروه عليه إجماعاً ورواه أبو داود وابن مردويه مرفوعاً.

تشهد أبي سعيد الخدري : التحيات الصلوات الطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله , قال أبو سعيد : وكنا لا نكتب إلا القرآن والتشهد . ( تقييد العلم للخطيب البغدادي ).

تشهد جابر بن عبد الله : وفي حديث جابر المرفوع عند النسائي وابن ماجه والترمذي في العلل بلفظ : كان رسول الله يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآ “باسم الله وبالله التحيات ” صححه الحاكم .

تشهد عائشة : روى مالك في الموطأ عن عائشة زوج النبي أنها كانت تقول إذا تشهدت : التحيات الطيبات الزاكيات لله , فتسقط (لله ) عقب التحيات والصلوات بخلاف ما في حديث عمر وابن مسعود من إثباتهما وهي مرفوعة , وزادت على حديث عمر : وحده لا شريك له ” وكذلك ثبت هذه الزيادة في حديث أبي موسى مرفوعاً عند مسلم .

تشهد ابي موسى الاشعري : روى مسلم وأبو داود أن التشهد عند أبي موسى : التحيات الطيبات الصلوات لله ” وفيه وحده لا شريك له “

تشهد سمرة بن جندب : التحيات الطيبات والصلوات والملك لله.

ويضيف” ومما يلفت النظر أن كل صحابي تشهد يقول أن رسول الله كان يعلمه التشهد كما يعلمه القرآن، وأن تشهد عمر قد ألقاه من فوق منبر رسو الله والصحاب جميعاً يسمعون فلم ينكر عليه أحد منهم مما قال كما ذكر مالك في الموطأ .

ويستدرك أبو رية بقولة ” ومما يلفت النظر كذلك أن هذه التشهدات على تباين ألفاظها وتعدد صيغها وكثرة رواتها قد خلت كلها من الصلاة على النبي فكأن الصحاب كانوا كما قال ابراهيم النخعي يكتفون بالتشهد والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله .

أقوال الفقهاء في الصلاة الإبراهيمية..

ولقد اختلف الائمة في وجوب الصلاة على النبي في الصلاة المفروضة فأبو حنيفة وأصحابه لا يوجبونها في التشهد وأما الشافعي فقد جعلها شرطاً.

وفي البحر الزاخر لابن نجيم وأما موجب الأمر في قوله تعالى ” صلوا عليه فهو افتراضها في العمر مرة واحدة في الصلاة أو خارجها , لأن الأمر لا يقتضي التكرار وهذا بلا خلاف.

وقد قال بذلك السرخسي في المبسوط ابن همام في شرح فتح القدير والقسطلاني في إرشاد الساري وقال القاضي عياض في الشفاء , وقد شذ الشافعي فقال من لم يصلى على فصلاته فاسدة ولا سلطان له في هذا الأقوال ولا سنه يتبعها وشنع عليه في ذلك جماعة منهم الطبري والقشيري وخالفه من أهل مذهبه الخطابي فقال إنها لست بواجبه ولا أعلم له فيها قدوة.

والتشهدات المرويات عن الصحابة لم يذكر فيها ذلك وأما حديث ” كل صلاة لم يصل علي ؟ فقد ضعفه أهل الحديث وحديث ابن مسعود من صلى صلاة لم يصل فيها علي وعلى أهل بيتي لم تقبل منه” فقد قال الدراقطني أنه من قول ابي جعفر محمد الباقر بن علي بن الحسين وأصل قوله لو صليت صلاة لم أصل فيها على النبي ” صلى الله عليه وسلم ولا على أهل بيت لرأيت أنها لا تتم.

منقول

• المراجع

• – ضحى الإسلام : أحمد أمين

• – من إسلام القرآن الى اسلام الحديث : جورج طرابيشي

• – اضواء على السنة المحمدية : محمود ابو رية.

• – نحو فقه جديد الجزء الثاني : جمال البنا

• – الإمام الشافعي وتأسيس الوسطية : نصر حامد أبو زيد

• – تجديد أصول الفقه : حسن الترابي

• – الاجتهاد : عبد المنعم النمر

• – الإسلام عقيدة وشريعة : محمود شلتوت