ثلاثة مناهج تمكننا من فهم عربيه القرآن ؟
عادل عصمت يكتب
===========
* قالوا لنا ان العرب اهل فصاحه وبلاغه, فإفترضنا ان العرب الاوائل فهموا الكتاب لانه جاء بلسان عربى ، ونمنا على ذلك قرونا عديده ورددنا افهامهم وحفظنا تصوراتهم ومافهموه من المصحف وفقا لارضيتهم المحدوده للغايه ولغتهم الشعريه ذات القوافي البائيه والتائيه المبنيه علي المترادفات التي ظنوها متطابقه الدلالة ، واعتمادهم الطاغى والمفرط علي المجاز
* و لكنهم لم يفهموا عربيه المصحف الدقيقه ، ولم يعوا ان المصحف جاء بلسان عربى مبين (مبين) ، لم يفهم العرب ذلك اللسان العربى المبين الجديد المنضبط المحدد اللفظ الذي حدد الاحداثيات المعرفيه لكل لفظ والمدلول ايضا وغير معانى الالفاظ من خلال وضعها واستخدامها في سياقات عديده كما لجأ ربى الى تغيير شكل رسم اللفظ لغير دلالته
* لم يفهموا اللغه العربيه الربانيه الجديده بنظامها الدقيق الجديد بعد ان خلصها الله جل وعلى بقدرته اللامحدوده من عيوبها فى الاستخدام البشرى وضبط وفرق بين مدلولات الالفاظ فيها، وحولها الى لغه منضبطه للغايه لكن العرب لم يفهوا اللغه العربيه الجديده الربانية
* و هربنا نحن قرونا عديده من مهمه البحث والتحرى والتدبر والسهر من اجل الفهم الرشيد وارتحنا لتكرار فهم الاولين فتسبب فهمهم فى كل هذا الارهاب والذبح والترويع للناس كما تسبب في كل هذا التشويه للدين ولنبى الرحمه الخاتم، الذى رسموا له اسوأ صوره مسيئه عبر مروياتهم ، وكتبهم التى رفعها البعض الى مرتبه الدين المقدس بل تعدى الامر ذلك فأصبحت تلك المرويات وحكايات اهل المغازى تلغى المصحف نفسه حيث تم نقل مركز الدين في اكبر عمليه تحريف تمت للدين عبر التاريخ الى كتب اخري بشريه ماانزل الله بها من سلطان ازاحوا بها كتاب الله واستبدلوه بها
* ووجدنا بعد كل ذلك انه علينا ان نواجه تلك الازمه وان نعتمد علي انفسنا وان نتدبر بأنفسنا وان نتخلى عن تلك القراءه الاولى لعرب القرن الثانى والثالث الهجري وان نرد لديننا المظلوم انسانيته وعالميته ورحمته وروعته وان نسقط تلك الرافعه النصيه التى يتوسل بها الارهابيون فى كل الكوكب
* ولان القرآن كتاب (ألفاظ ومعانى) وليس كتاب قواعد ، لذا فلايمكن فهم مفردات القرآن بدقه الا اعتمادا على قراءه بعض (مصنفات) اللغه العربيه ( وهى عديدة ومتوفرة وغنيه جدا ) ، فالقرآن ليس كتب نحو والمعانى هى ماتصنع القواعد وليس العكس
* كذلك لايمكن فهم عربيه القرآن وهى دقيقه الدلالة ومعجزه، الا اعتمادا ايضا فى رأينا المتواضع على ( ثلاثه) مناهج دقيقه وحصرية فى التعامل مع اللغه العربيه عموما ،
* اولها منهج انكار الترادف( الذي ظنوه ثراء للغه وسعه) او مايعرف ب (اللاترادف) لثعلب الكوفى ( أحمد بن يحيى) امام النحاه فى القرن الثالث الهجرى الذي يتأسس على انه (لايوجد لفظان فى عربيه المصحف لهما نفس الدلالة) ونفس المعنى والذى قال قولته المشهورة (ماتظنوه متشابها، هو فى الحقيقه متباينا ) ، وتلميذه (ابى على الفارسى) وتلميذ ابى على الفارسى (بن جنى) ، الذى بلور اتجاه مدرسة استاذة فى كتابه الشهير (الخصائص) وقال بأن اللغه لم تنشأ دفعة واحدة ، وابن فارس تلميذ ثعلب ايضا وصاحب معجم المعاجم والذى يضم اول و اهم خمسه معاجم فى العربيه والمعروف ( بمعجم مقاييس اللغه)
* بالاضافه وبالتلازم الشديد مع منهج العلامه الفراهيدى ( الخليل بن احمد)( العلامه الذى شكل المصحف فى القرن الثانى الهجرى) فى الاشتقاق والتقليب للجذور اللغوية للفظ الواحد ، وتجريب كل جذر للفظ الوارد حتى يقبل السياق ويستقيم المعنى، ويختار بين جذرى اللفظ او جذوره،
*ثم بالتلازم ايضا مع منهج الجرجانى( عبد القاهر) مؤسس علم البلاغة فى القرن الخامس الهجرى، الذى فرق بين المعنى المعجمى والمعنى السياقى للفظ، واعطى السلطه كامله للسياق فى تحديد المعنى للفظ فى كل مره ، والذى قال انه لايمكن فهم نص لغوى على نحو لايقبله العقل ، وقال ( عندما يكلم المتكلم السامع فإنه لايقصد افهامه معانى الالفاظ المفردة انما هو النظم والسياق )
والذى قال بتلازم اللغه والتفكير وان ألفاظ تلك اللغة ترتبط وتعبر عن التفكير القائم زمن اختراع اللفظ فاللغه وسيله للتعبير عن التفكير الانسانى فالكلام الانسانى نشأ كوسيلة لتعبير الانسان عن رغباته حيث التلازم بين اللغه والتفكير، وعلينا ان ندرك ان التفكير الانسانى مر بمرحلتين هامتين اولا مرحلة ادراك المشخص المحدد بحاستى السمع والبصر، بعيدا عن المشاعر والاحاسيس ثم مرحلة حديثه وهى ادراك المجرد
حيث اكتملت البنية اللغويه تدريجيا عندما تم ادراج المجردات وعليه فعلينا ادراك التلازم بين اللغه والتفكير وتطور ذلك التفكير
* ومن مصنفات اللغة التى ننصح بالاطلاع عليها كتاب العين طبعا (للفراهيدي)، وهو العمدة وكتاب الاضداد (لابن الانبارى) وكتاب جمهرة اللغه ( لابن دريد) وكتاب مقاييس اللغه (لابن فارس) او لسان العرب( لابن منظور) اوالاساس للزمخشرى او المخصص لابن سيده او الخصائص (لابن جنى) او تاج العروس ( للزبيدى) تهذيب اللغه (للازهرى) او كتاب الالفاظ( لابن السكيت) دلائل الاعجاز ( للجرجانى)
ويجب ان نشير الى اهميه معجم مقاييس اللغة الذى يضم اول خمسه معاجم عربيه فى مقدمتها العين للفراهيدى، وغريب الحديث لابن سلام، والغريب المصنف لابن سلام ايضا، وجمهرة اللغه لابن دريد، والمنطق لابن السكيت
* ولكل لغه مميزات وعيوب طبعا ولقد خلص الله فى كتابه اللغه العربيه من عيوبها وجعلها دقيقه للغايه ومحدده فخلصها من عدم القدره على الايجاز والتحديد والفصل وغلبه المجاز عليها ايضا ،
* فقال تعالي (امرأته وزوجه وصاحبته) ليفرق بين ثلاثه اوضاع للزوجه مع زوجها، وقال تعالي (الزوج والبعل) ليفرق بين وضعين للزوج مع زوجته وقال تعالي (الوالدين والابوين) ليفرق بين من انجب ومن ربى، (والصلاه والصلوه والصلوت ) ، ليفرق بين الصله بالله ورسوله وصلاه الظهر او العصر والزكاة التى هى الصله الماليه بالله مثلا و(الرحمة والرحمت) ليفرق بين وضعين للرحمه ، و(نعمة ونعمت) وجاء واتى ليفرق بين مايأتى لك من خارج ادراكك الى داخله ، وما مايأتيك من داخل مدركاتك التى لديك اصلا ولم تكن تعيها بعد ، و(الهبوط والنزول) ليفرق بين الانتقال من مكان الى اخر علي الارض ومن مرحله الى اخرى في حياه الانسان و الذى هو معنى الهبوط في التنزيل الحكيم والنزول الذى هو تحويل غير المدرك لك الى شيئ يمكن ادراكه، والتنزيل الذى يأتى تاليا للانزال،
* كما فرق الله جل وعلى بين (الخلق والجعل) حيث الخلق هو التصميم ( الديزين) والجعل التالي على الخلق والذي يتطلب وجود الخلق اولا ثم يأتى الجعل ثانيا
والبلاغ والابلاغ ليفرق بين مهمه الاعلام العام ومهمه العلام الخاص لكل فرد على حده ، والوفاه والموت ليفرق بين وفاه مشاعر واحاسيس الميت وموت جسده ، والعام والسنه والحول ليفرق بين اوضاع فلكيه محدده، والقريه والمدينه ليفرق بين طبيعه للسكان في المكان هنا وهناك( احاديه ام متعدده) ،و الاسراف والتبذير، ليفرق بين حالتين مختلفتين مدمن الخطايا المسرف والمستهتر فى انفاق ماله المبذر ،و(العباد والعبيد) ليفرق بين من يملك اردته ومن لايملكها، والنبأ والخبر، ليفرق بين النبى والمخبر وبين النبؤه المستقبليه الغيبيه والحدث الفعلى والسيئه والذنب ليفرق بين الخطأ فى حق الناس والخطأ فى حق الله، والبيان والبلاغ، ليفرق بين الافصاح عن الشئ وعدم كتمانه وبين مهمه ابلاغه للاخرين، والتمام والكمال، ليميز بين اتمام الشئ المتقطع كمده الرضاعه للطفل وبين اكمال الشئ غير المتقطع كيوم من ايام الصيام مثلا او الدين نفسه الذي جاء متقطعا فى وصاياه ثم فى شرائعه، و(جمع وجميع) ليفرق بين القله والكثره في جمعهم فجمع تعبر عن قله ضعيفه وجميع تعبر عن كثره منتصره او حاشده فى اجتماع الناس، و الشهيد والشاهد الذي حضر الواقعه حضورا كاملا ورأي بعينيه وسمع بأذنيه وبين الشاهد الذى غاب عنها واخذ رأيه فيما حدث ، والبشر والانسان ، ليفرق بين الخلق الاول ثم الحال بعد التسويه والعدل والنفخه للبشر