حقوق الطبع محفوظة لصاحبها
لكلاً منا فهمة في ألأمور الخاصة و العامة و هي كثيرة و منها الذي يشد انتباه أي عربي مسلم هو صياغة مفهوم الدولة المسمى الإسلامية و الدولة العلمانية و ماهي العناصر المشتركة بينهم و أسلوب التعامل معها كوننا مسلمين في عالم لم نتعود عليها أو عالم بالأصح ننظر لها نظرة العداء .
فعند تصحيح المفاهيم و تحديد المصطلح و صياغة ألأسلوب يكون الخطة و المنهج واضحاً.
فالمسلمون ينظرون إلى العلمانية على أساسها نقيض الإسلام و عدوتها اي تأخذها كلها أو تتركها …
و لسنا مجبرين على هذا، فالدولة هي مؤلفة من قانون يحمي النظام و النظام يطبق على الكل و الكل هنا تعني بها كل الإنسانية و مذاهبها المشتركة …
و مذاهبها المشتركة هي في الأصل قيم إنسانية تراكمت بحسب الثقافة و اللسان و الجيوغرافية .
فالدولة فائدة لتنظم السير بينهم و تضمن لكلاً منهم حقوقية … فمثل المسلم المعاصر يشيد بالدول الغربية على انها مسلمة اكثر من الدول المسلمة ذاتها لضمانها هذه الحقوق …
و نلاحظ ان كل لوائح العقوبات تنقسم آلى عدة أقسام … فهناك الجرائم الثابتة المشتركة بين البشرية جميعاً كالقتل و الزنا و الزُّور و الاعتداء و غيرها … و الكل يتفق على جريمتها و عقوبتها و نلاقي أن حدودها تقريباً مطابقاً لحدود الله باختلاف طفيف بحسب الزمان و المكان .
و هناك أعراف و ثقافة الشعب نفسها أو الطوائف من عيب و إتيكيت و مباح و هي تدخل في الوصايا العشر … و تختلف باختلاف المكان و الزمان لكل مجموعة و يختلف عقوبتها و حدودها و لكن اكثر البشر يتفقون عليها …
و هناك الجرائم (العصرية) التي ترتكب من خلال مجال العمل و المشاكل التي تأتي نتيجة مع التقدم و التطور مثلاً قوانين السير و الضرائب و التصنيع و تلوث البيئة و غير ذلك.
———
و هنا نلاحظ ان البشرية قادرة على الاتفاق أن التشريع الإسلامي (الإنساني) و لكن المشكلة هي في التسميات قد يرفضها الآخرين و لكن في الحقيقة هي قوانين مدنية لأنها تنظم و تحسن و تضمن للناس المعاملة السوية ..
و الأفضل ان تظل مدنية فليس من الضرورة ان تكون عنوان ألإسلام مطبوع على كل باب و صفحة بقدر ماهو مطلوب ان يتم في جو ناسها يطبقونها و يعكسونها في معاملاتهم و اخلاقهم.
فالدين مساحتها محدودة و معدومة في إدارة المصانع و الحدود و الضرائب و القوانين العصرية و معدومة في المجالات العلمية الدقيقة و المنتظمة … فلا نجد شيء ديني عن المخالفات و المكافئات و طرق العمل بأمان و لا توجد لوائح للشرطة او قوانين للعمل في إدارة المستشفيات او الجيش و تدريبها او في تسيير المختبرات ..
و لكن التدين قادر على الدخول الى كل هذا المجالات من خلال الإنسان نفسة في تطبيق هذه التعليمات و اتباعها و الالتزام بها و ينعكس هذا كله في نتاج عمله و معاملته فالدين المعاملة …
و صبر و تحمل فمثلما قد لا يعجبنا صفات من الطرف الأخر و نفكر إننا على حق فالطرف الأخر كذلك يفكرون بنفس الأسلوب و لهذا كانت الدولة المدنية منظمة لهذا السير بين الإنسانية …
————–
فالدولة تكون مدنية لان مشاكل العالم مستحدثة و تتغير كل يوم و تحتاج لها أليات جديدة تناسبها و لان المشاكل المشتركة بين الناس هي الأعراف و الأخلاق و الوصايا و لا ينتظر فتوى من مشائخ و فقهاء لا يعلمون شيء خارج العبادات و نواقصها …
و الناس اتفقت على العوامل ألإنسانية المشتركة فقط الفارق هو حدود هذا العادات و تعريفها … أي درجة الاختلاف في متى و كيف و كم …
و الدين هو خاص ليتطوعوا هم ليناموا العمل و ألأداره و يحددوا العلم المطلوب للتقدم و الترابط.
و لا تسمى الدولة إسلامية لأجل التشريع الإسلامي لان التشريع جزء من الدين و هو ثابت و آتى لينظم الثوابت مثل العبادات و العقوبات على ما اتفقت علية المجتمع الإنساني المشتركة جمعاً عليها مثل السرقة و الزناء و شرب الخمر و شهادة الزُّور …
و لكن تكون إسلامية من خلال تطبيق الناس لها و أحياءها إلي الواقع من خلال تفسيرها للدين في مثابة الملة و تحت الملة المذهب …
فالدين على ورق و أسماء ضخمة و نرتاح نفسياً إننا أحيينا الدين على الورق و البنيات و الشعارات و اكتفينا بها و تهربنا من تطبيقها.
——
فالدولة ثابتة و الحكومة متغيرة فقد لا تعجب الناس أسلوب الحكومة هذا الفترة فتتغير في المرة المقبلة …
فالدين يضل دين يحسّن من أخلاق الإنسان و سلوكه و يهذبه و الدولة يضل دولة و تسير بالطريقة العلمية الحديثة المطلوبة لمسايرة الاختراعات و التقدم و الإحداث و الذي سيديرها هم أناس ملتزمين بالدِّين لان الدين سيهذبهم و يوفيهم في التعامل مع الغير …
فلا مجال باندماج الدين مع الدولة و لا مجال لانسلاخها عن الدولة … فالعملية هي عملية تأثر و تأثير متبادل يحرك كلاً منهم الأخر …
فالالتزام بالعلم لإدارة الدولة تقدم الإنسان ألى الرقي و منظومة الدين هو الذي يجعل ألإنسان مهذب و عاقل و متحكم أمام هذا …
و الدائرة تكتمل … لان الآنسان هو وراء إدارة الحياة عن طريقة العلم ..
و الرسول الأعظم يقول ( أنتم أدرى بشؤون دنياكم)…
و الرسول الأعظم يقول في (حجة الوداع) خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء (يقصد عائشة) ثم نقول إن النساء ناقصات دين و عقل ؟
يا ترى ماذا يقول المهووسين بالدِّين لهذا الحديث و كيف يفسروها ؟.
——–
و التقدم هي أدوات إنسانيه تنتمي لكل الثقافات المتراكمة نظمتها بأسلوب اجتمعوا عليها لتنظيم حياتهم بشكل يوافق عليها الكل.
عندما تفك أدوات التقدم المعرفي تجدها عالمية و ليست رومانية آو أندلسية أو إغريقية (هذا ألأسماء حددتها ألأرض النابع منها و تجد انهم متفقين في الإيمان بعالمية المعرفة و الإيمان بعالمية العلم و الإيمان بدور مشاركة المرأة في المجتمع و الإيمان بالتعددية و الإيمان بالنسبية إن الله هو المطلق الوحيد و كل ما عداه نسبي و هذا يعني ان كل شيء قابل للتطوير و التغيير و الاختلاف في علوم ألأداره و العمل الجماعي و التنظيم في الموارد البشرية و الثروة و التدريب.
فالدين ليست لها علاقة او أسس في التقدم لأننا نجد مسيحي متقدم في أوروبا و نجد المسيحي متأخر في أمريكا اللاتينية … و كذلك نجد المسلم متأخر في أفغانستان و نجد المسلم متقدم في الهند و ماليزيا … فالعقبة ليست في الدين و أنمأ في من يريدون الحكم و السيطرة على الدين و اظفائها على كل مجالات الحياة.
فماليزيا و مصر في الستينات على نفس المستوى و لكن نقفز إلى الوقت الحالي نجد ان ماليزيا تقدمت و أصبحت قوة في الصناعة و مصر قابعة محلها … فما السر هنا ؟ ليست أي شيء إلا أن ماليزيا تمسكت بعناصر العمل و ألأداره الدقيق و التقدم و التزمت به …
———
فلا يوجد دين يحكم الدنيا و لكن يوجد دين لينظم و يذب سلوك الإنسان الأخلاقية ليتعامل مع الأحداث الدنيوية فالدين ثابت و شيء شخصي و ينظم الثوابت ليهذبك و يجهزك نفسياً للتعامل مع متطلبات الحياة العلمية و العملية. و العلم و العلمانية هي طريقة و أسلوب ألإدارة .
مشكلة المسلمين بشكل عام مما أرى انهم لم يفرقوا بين المسلم العالمي كأول درجة للدخول إلى الإسلام و المؤمن الخاص الذي ترقى باتباع تعاليم النبي … و إننا دمجنا المسلمين و المؤمنين في خانة واحدة … و لو سالت أي مسلم الفرق بين المسلم و المؤمن لما جاوبك عليها…
و الحقيقة هي :
إن تؤمن بالله تشهد إن لا اله إلا الله و اليوم الأخر تسليماً و تعمل صالحاً فتكون مسلم و هو الحد الأدنى .
و ان تؤمن بالرسول ان محمد رسول الله تصديقاً و تتبع ما انزل أليه فتكون مؤمن هو الأعلى .
و الإسلام يعترف بالملل المختلفة و هي طريقة تطبيق كلاً منهم لمفهوم الدين و هي لا تتغير و الذي يتغير هو التدين ….
فالملل المختلفة هي اليهودية و النصرانية و الصابئة و الحنيفية و الشيعية
فقد انسلخت النصرانية عن اليهودية و الصابئة عن هم الاثنين و انسلخت الشيعية عن الحنيفية و كلاً يعبد و يطبق على ما يعتقده الصحيح …
و المشكلة تكمن في اعتقاد كلاً منهم بسيادة ملته على الأخر و يتدخل هذا في السياسة بطريقة غير رسمية و نسال كيف ؟
لأنها تدخل عن طريق الأشخاص انفسهم الذين يحملون و ينفذون أعمالهم فهم يتأثرون من خلال معتقداتهم و تؤثر هذا على أعمالهم لكن بحيث أنها لا تظهر بشكل عنصري …
و لا تتوقف هذا بين الملل و لكن تدخل هذا في التناحر و الصراع في الملة الواحدة حيث توجد المذاهب و حيث الصراع التاريخي بينهم معروف في كل الملل.
فالصراع جدل موجود و حق في حياة الإنسان لا يقدر الابتعاد عنه و الوقوف محايداً و إلا صار ضحية لطرف او يلبسون علية اسم كطرف معادي … و كل هذا الفرق و المذاهب و الملل تعدمهم النظرة الشمولية للأمر .
و هذا تؤدي إلى عدم توازن القوى بشكل ثابت و لكن تتأرجح بين هذا و ذاك بحسب الظروف و السياسات المتبعة …
————