دولة دينية ام دولة مدنية؟

اختار لكم القاضي ابوتُبع الطيب (حقوق الطبع محفوظة لأصحابها)
القاضي ابوتُبع عبدالسلام الطيب اخذ على نفسه بناء موقع يساهم في نشر الفكر المنطقي الحر الذي ينسجم مع كتاب الله و يواكب العصر في تأويله
December 17, 2022

حقوق الطبع محفوظة لصاحبها

لكلاً منا فهمة في ألأمور الخاصة و العامة و هي كثيرة و منها الذي يشد انتباه أي عربي مسلم هو صياغة مفهوم الدولة المسمى الإسلامية و الدولة العلمانية و ماهي العناصر المشتركة بينهم و أسلوب التعامل معها كوننا مسلمين في عالم لم نتعود عليها أو عالم بالأصح ننظر لها نظرة العداء .

فعند تصحيح المفاهيم و تحديد المصطلح و صياغة ألأسلوب يكون الخطة و المنهج واضحاً.

فالمسلمون ينظرون إلى العلمانية على أساسها نقيض الإسلام و عدوتها اي تأخذها كلها أو تتركها …

و لسنا مجبرين على هذا، فالدولة هي مؤلفة من قانون يحمي النظام و النظام يطبق على الكل و الكل هنا تعني بها كل الإنسانية و مذاهبها المشتركة …

و مذاهبها المشتركة هي في الأصل قيم إنسانية تراكمت بحسب الثقافة و اللسان و الجيوغرافية .

فالدولة فائدة لتنظم السير بينهم و تضمن لكلاً منهم حقوقية … فمثل المسلم المعاصر يشيد بالدول الغربية على انها مسلمة اكثر من الدول المسلمة ذاتها لضمانها هذه الحقوق …

و نلاحظ ان كل لوائح العقوبات تنقسم آلى عدة أقسام … فهناك الجرائم الثابتة المشتركة بين البشرية جميعاً كالقتل و الزنا و الزُّور و الاعتداء و غيرها … و الكل يتفق على جريمتها و عقوبتها و نلاقي أن حدودها تقريباً مطابقاً لحدود الله باختلاف طفيف بحسب الزمان و المكان .

و هناك أعراف و ثقافة الشعب نفسها أو الطوائف من عيب و إتيكيت و مباح و هي تدخل في الوصايا العشر … و تختلف باختلاف المكان و الزمان لكل مجموعة و يختلف عقوبتها و حدودها و لكن اكثر البشر يتفقون عليها …

و هناك الجرائم (العصرية) التي ترتكب من خلال مجال العمل و المشاكل التي تأتي نتيجة مع التقدم و التطور مثلاً قوانين السير و الضرائب و التصنيع و تلوث البيئة و غير ذلك.

———

و هنا نلاحظ ان البشرية قادرة على الاتفاق أن التشريع الإسلامي (الإنساني) و لكن المشكلة هي في التسميات قد يرفضها الآخرين و لكن في الحقيقة هي قوانين مدنية لأنها تنظم و تحسن و تضمن للناس المعاملة السوية ..

و الأفضل ان تظل مدنية فليس من الضرورة ان تكون عنوان ألإسلام مطبوع على كل باب و صفحة بقدر ماهو مطلوب ان يتم في جو ناسها يطبقونها و يعكسونها في معاملاتهم و اخلاقهم.

فالدين مساحتها محدودة و معدومة في إدارة المصانع و الحدود و الضرائب و القوانين العصرية و معدومة في المجالات العلمية الدقيقة و المنتظمة … فلا نجد شيء ديني عن المخالفات و المكافئات و طرق العمل بأمان و لا توجد لوائح للشرطة او قوانين للعمل في إدارة المستشفيات او الجيش و تدريبها او في تسيير المختبرات ..

و لكن التدين قادر على الدخول الى كل هذا المجالات من خلال الإنسان نفسة في تطبيق هذه التعليمات و اتباعها و الالتزام بها و ينعكس هذا كله في نتاج عمله و معاملته فالدين المعاملة …

و صبر و تحمل فمثلما قد لا يعجبنا صفات من الطرف الأخر و نفكر إننا على حق فالطرف الأخر كذلك يفكرون بنفس الأسلوب و لهذا كانت الدولة المدنية منظمة لهذا السير بين الإنسانية …

————–

فالدولة تكون مدنية لان مشاكل العالم مستحدثة و تتغير كل يوم و تحتاج لها أليات جديدة تناسبها و لان المشاكل المشتركة بين الناس هي الأعراف و الأخلاق و الوصايا و لا ينتظر فتوى من مشائخ و فقهاء لا يعلمون شيء خارج العبادات و نواقصها …

و الناس اتفقت على العوامل ألإنسانية المشتركة فقط الفارق هو حدود هذا العادات و تعريفها … أي درجة الاختلاف في متى و كيف و كم …

و الدين هو خاص ليتطوعوا هم ليناموا العمل و ألأداره و يحددوا العلم المطلوب للتقدم و الترابط.

و لا تسمى الدولة إسلامية لأجل التشريع الإسلامي لان التشريع جزء من الدين و هو ثابت و آتى لينظم الثوابت مثل العبادات و العقوبات على ما اتفقت علية المجتمع الإنساني المشتركة جمعاً عليها مثل السرقة و الزناء و شرب الخمر و شهادة الزُّور …

و لكن تكون إسلامية من خلال تطبيق الناس لها و أحياءها إلي الواقع من خلال تفسيرها للدين في مثابة الملة و تحت الملة المذهب …

فالدين على ورق و أسماء ضخمة و نرتاح نفسياً إننا أحيينا الدين على الورق و البنيات و الشعارات و اكتفينا بها و تهربنا من تطبيقها.

——

فالدولة ثابتة و الحكومة متغيرة فقد لا تعجب الناس أسلوب الحكومة هذا الفترة فتتغير في المرة المقبلة …

فالدين يضل دين يحسّن من أخلاق الإنسان و سلوكه و يهذبه و الدولة يضل دولة و تسير بالطريقة العلمية الحديثة المطلوبة لمسايرة الاختراعات و التقدم و الإحداث و الذي سيديرها هم أناس ملتزمين بالدِّين لان الدين سيهذبهم و يوفيهم في التعامل مع الغير …

فلا مجال باندماج الدين مع الدولة و لا مجال لانسلاخها عن الدولة … فالعملية هي عملية تأثر و تأثير متبادل يحرك كلاً منهم الأخر …

فالالتزام بالعلم لإدارة الدولة تقدم الإنسان ألى الرقي و منظومة الدين هو الذي يجعل ألإنسان مهذب و عاقل و متحكم أمام هذا …

و الدائرة تكتمل … لان الآنسان هو وراء إدارة الحياة عن طريقة العلم ..

و الرسول الأعظم يقول ( أنتم أدرى بشؤون دنياكم)…

و الرسول الأعظم يقول في (حجة الوداع) خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء (يقصد عائشة) ثم نقول إن النساء ناقصات دين و عقل ؟

يا ترى ماذا يقول المهووسين بالدِّين لهذا الحديث و كيف يفسروها ؟.

——–

و التقدم هي أدوات إنسانيه تنتمي لكل الثقافات المتراكمة نظمتها بأسلوب اجتمعوا عليها لتنظيم حياتهم بشكل يوافق عليها الكل.

عندما تفك أدوات التقدم المعرفي تجدها عالمية و ليست رومانية آو أندلسية أو إغريقية (هذا ألأسماء حددتها ألأرض النابع منها و تجد انهم متفقين في الإيمان بعالمية المعرفة و الإيمان بعالمية العلم و الإيمان بدور مشاركة المرأة في المجتمع و الإيمان بالتعددية و الإيمان بالنسبية إن الله هو المطلق الوحيد و كل ما عداه نسبي و هذا يعني ان كل شيء قابل للتطوير و التغيير و الاختلاف في علوم ألأداره و العمل الجماعي و التنظيم في الموارد البشرية و الثروة و التدريب.

فالدين ليست لها علاقة او أسس في التقدم لأننا نجد مسيحي متقدم في أوروبا و نجد المسيحي متأخر في أمريكا اللاتينية … و كذلك نجد المسلم متأخر في أفغانستان و نجد المسلم متقدم في الهند و ماليزيا … فالعقبة ليست في الدين و أنمأ في من يريدون الحكم و السيطرة على الدين و اظفائها على كل مجالات الحياة.

فماليزيا و مصر في الستينات على نفس المستوى و لكن نقفز إلى الوقت الحالي نجد ان ماليزيا تقدمت و أصبحت قوة في الصناعة و مصر قابعة محلها … فما السر هنا ؟ ليست أي شيء إلا أن ماليزيا تمسكت بعناصر العمل و ألأداره الدقيق و التقدم و التزمت به …

———

فلا يوجد دين يحكم الدنيا و لكن يوجد دين لينظم و يذب سلوك الإنسان الأخلاقية ليتعامل مع الأحداث الدنيوية فالدين ثابت و شيء شخصي و ينظم الثوابت ليهذبك و يجهزك نفسياً للتعامل مع متطلبات الحياة العلمية و العملية. و العلم و العلمانية هي طريقة و أسلوب ألإدارة .

مشكلة المسلمين بشكل عام مما أرى انهم لم يفرقوا بين المسلم العالمي كأول درجة للدخول إلى الإسلام و المؤمن الخاص الذي ترقى باتباع تعاليم النبي … و إننا دمجنا المسلمين و المؤمنين في خانة واحدة … و لو سالت أي مسلم الفرق بين المسلم و المؤمن لما جاوبك عليها…

و الحقيقة هي :

إن تؤمن بالله تشهد إن لا اله إلا الله و اليوم الأخر تسليماً و تعمل صالحاً فتكون مسلم و هو الحد الأدنى .

و ان تؤمن بالرسول ان محمد رسول الله تصديقاً و تتبع ما انزل أليه فتكون مؤمن هو الأعلى .

و الإسلام يعترف بالملل المختلفة و هي طريقة تطبيق كلاً منهم لمفهوم الدين و هي لا تتغير و الذي يتغير هو التدين ….

فالملل المختلفة هي اليهودية و النصرانية و الصابئة و الحنيفية و الشيعية

فقد انسلخت النصرانية عن اليهودية و الصابئة عن هم الاثنين و انسلخت الشيعية عن الحنيفية و كلاً يعبد و يطبق على ما يعتقده الصحيح …

و المشكلة تكمن في اعتقاد كلاً منهم بسيادة ملته على الأخر و يتدخل هذا في السياسة بطريقة غير رسمية و نسال كيف ؟

لأنها تدخل عن طريق الأشخاص انفسهم الذين يحملون و ينفذون أعمالهم فهم يتأثرون من خلال معتقداتهم و تؤثر هذا على أعمالهم لكن بحيث أنها لا تظهر بشكل عنصري …

و لا تتوقف هذا بين الملل و لكن تدخل هذا في التناحر و الصراع في الملة الواحدة حيث توجد المذاهب و حيث الصراع التاريخي بينهم معروف في كل الملل.

فالصراع جدل موجود و حق في حياة الإنسان لا يقدر الابتعاد عنه و الوقوف محايداً و إلا صار ضحية لطرف او يلبسون علية اسم كطرف معادي … و كل هذا الفرق و المذاهب و الملل تعدمهم النظرة الشمولية للأمر .

و هذا تؤدي إلى عدم توازن القوى بشكل ثابت و لكن تتأرجح بين هذا و ذاك بحسب الظروف و السياسات المتبعة …

————

قد تعجبك أيضاً

الحور العين والحياة الأبدية

الحور العين والحياة الأبدية : المهدى زين العابدين معنى الحور العين ولمن تكون؟ أقرب تفسير للعقل والمنطق هو كالتالي وهو...

Archives – الأرشيف

Soon as i get home (instrumental)

by 2Pac | Soon as i get home (instrumental)